مذبحة خوجالي في ذكراها الثلاثين بقلم محمد سلامة
مذبحة خوجالي في ذكراها الثلاثين
بقلم: محمد سلامة
تحيي أذربيجان الذكري الثلاثين لمذبحة خوجالي التي ارتكبتها العصابات والمليشيات الأرمينية ضد سكان مدينة خوجالي المدنيين العزل.
وتأتي الذكرى هذا العام كسابقه في خضم نشوة الانتصار علي أرمينيا وتحرير أراضي قاراباغ في الحرب الوطنية العظمى التي اندلعت في سبتمبر 2020 واستمرت 44 يوما انتصرت فيها أذربيجان انتصارا ساحقا علي الارمن أعداء السلام والإنسانية. واستعادة الأرض السليبة في قاراباغ.
ورغم نشوة الانتصار والثأر لشهداء خوجالي والحروب التي اتسمت بالوحشية الأرمينية ضد المدنيين العزل.. فإن أذربيجان تستذكر شهدائها بالفخر والاجلال.
ان هذه المأساة الفريدة التي نفذت بدم بارد ووحشية ارمينية تحكي قصة مئات القتلى من الأطفال والشيوخ والنساء وتسوية المدينة بالأرض.
وتعد مذبحة خوجالي من الجرائم التي فاقت في وصفها كل الجرائم المعروفة في الحروب التي تقر قواعد عدم المساس بالمدنيين والعجائز والنساء والاطفال، وعدم التمثيل بالجثث، الامر الذي أثار اشمئزاز العالم وغضبه وإدانته للوحشية التي ارتكبت بحق المدنيين الأذربيجانيين في مدينة خوجالي المسالمة، والذين لم يرفعوا السلاح في وجه ميلشيات وعصابات الارمن، فكشفت تلك الأفعال عن بربرية القوات الأرمينية وعصاباتها التي أدانها العالم أجمع.
ففى فبراير عام 1992 تعرضت مدينة خوجالى الواقعة فى جمهورية أذربيجان وسكانها إلى مجزرة لم يسبق لها مثيل، مجزرة تجاوزت كل ما هو معروف في قواعد الحروب. إن هذه المأساة الدموية والتى عُرفت بإلابادة الجماعية لخوجالى قد شملت إبادة وقتل مئات الآذربيجانيين، وسُويت المدينة بالأرض. ففى خلال ليلة 25 – 26 فبراير لعام 1992 قامت القوات العسكرية الأرمينية بمساعدة قوات المشاة من الفوج رقم 366 للإتحاد السوفيتى السابق؛ والذى يتألف معظمه من الأرمن بالإستيلاء على مدينة خوجالى. وحاول السكان الذين حوصروا فى المدينة قبل تلك الليلة المأساوية، أن يغادروا منازلهم بعد بداية العدوان، آملين فى الخروج إلى طرق تؤدى بهم لأقرب الأماكن المأهولة بالآذربيجانيين. لكن خططهم فشلت، بعد أن دمر الغزاة خوجالى بالكامل، وقاموا بتنفيذ المذبحة بوحشية فريدة من نوعها ضد السكان المسالمين. ونتيجة لذلك العدوان، فقد قُتل 613 مواطنا، من بينهم 106 إمرأة، و63 من الأطفال و70 من العجائز. كما جُرح 1000 شخص وتم أخذ 1275 رهينة من السكان. وحتى يومنا هذا، فمازال هناك 150 مفقوداً من أبناء خوجالى.
لقد قتل مئات المدنيين الاذربيجانيين علي الهوية لأنهم فقط أذربيجانيون، ولم تنج حتى النساء من القوات الغازية. مما يعد جريمة حرب وابادة وعنصرية مقيتة، وقد أشار مجلس الأمن لمنظمة الأمم المتحدة في قراراته الصادرة في 1993 إلى إنتهاكات القانون الإنساني الدولي والهجمات على المدنيين على وحه التحديد من قبل الغزاة الارمن.
وطبقاً للأخبار وروايات الشهود التى أظهرت بشاعة العدوان، تم الكشف عن همجية وبربرية المجزرة التى جرت، لقد شملت الأعمال الوحشية من قبل القوات الأرمينية سلخ فروة الرأس وقطع رؤوس النساء الحوامل وبقر بطونهن، والتمثيل بجثثهن. ولم ينج من ذلك المصير حتى الأطفال.
وعلى الرغم من محاولات أرمينيا لإخفاء حقائق مذبحة خوجالى، وبشاعة ما جرى على الأرض، إلا أن شهادات شهود العيان والصحفيين والمراسلين الأجانب تقدم لنا سرداً كاملاً ووصفا دقيقا مكتملا يوضح أن خوجالى قد تعرضت لعملية عسكرية متعمدة للقوات الأرمينية بهدف إبادة السكان المدنيين.
وقد تم إختيار مدينة خوجالى كمرحلة من مراحل الإحتلال والتطهير العرقى لأرض أذربيجان، وزرع بذور الخوف في قلوب الناس وخلق حالة من الرعب والفزع والترويع من أجل الهروب والنجاة وترك الأرض والديار والممتلكات للعصابات الأرمينية لاحتلالها.
إن شهادة سيرج سركسيان رئيس أرمينيا، والتى جرت عملية خوجالى تحت إدارته، توضح الأمور وتكشفها من تلقاء نفسها حيث قال: ” لقد كان الآذربيجانييون قبل خوجالى يظنون أن بوسعهم المزاح معنا، وكانوا يعتقدون أن الأرمن شعب لا يمكنه رفع أيديهم ضد السكان المدنيين. ولكننا كنا قادرين على تحطيم هذه الصورة (النمطية)”.
وينبغي على الحكومة الأرمينية أن تعلم جيدا أن مثل تلك الأعمال البربرية إلى جانب أعمال العنف ضد النساء والفتيات والشيوخ والاطفال ترقى لمستوى جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والتمييز العنصري، والابادة الجماعية. وان تلك الجريمة لن تمر بدون عقاب حتي بعد تحرير الأرض.
ان القوات الاذربيجانية سلكت المسلك القانوني والقواعد الإنسانية أثناء الحرب، ولم تبادل الجريمة الإنسانية بمثلها. ولم تقتل المدنيين ولم تمثل بجثثهم أثناء الحرب الوطنية العظمى التي دامت 44 يوما في عام 2020 وأسرت فيها القوات الاذربيجانية المئات من قوات الارمن، ولكنها اتبعت الاساليب الانسانية وقواعد الحرب التي تمنع المساس بالأسرى والمدنيين، بل وأمهلتم لأيام وأسابيع لنقل متاعهم ومغادرة الاراضي الاذربيجانية المحررة. وكان يمكنها التشفي والثأر لابناء الوطن في خوجالي، ولكنها تمسكت بضبط النفس والسلوك الانساني.
ومما يؤسف له أن الهمجية الأرمينية ضد أذربيجان لم تقتصر على التطهير العرقي فحسب بل امتدت لتشمل التراث الثقافي الغني الأذربيجاني الذي يحتضن المساجد والآثار ذات الطابع الإسلامي، حيث أصبحت تلك المعالم الثقافية التاريخية في الأراضي المحتلة عُرضة للتدمير المنهج، والإهانات والتحقير وتحويل المساجد الي حظائر للمواشي في استهانة بالمقدسات الإسلامية. في جريمة اخري تضاف لسلسلة الجرائم الأرمينية بحق الشعب الأذربيجاني.
ان الشعب الاذربيجاني بقيادة الرئيس الهام علييف الذي قاد الجيش الي النصر وتحرير قاراباغ والمناطق الاخري حولها وأهمها مدينة شوشا قلب قاراباغ التي يعاد تعميرها من جديد، وتغيير وجه المناطق المحررة من دنس الاحتلال الأرميني، ليتذكر أولئك الشهداء بكل الإجلال والتوقير الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن. ودفعوا حياتهم ثمنا لتحرير الأرض وازدهار الوطن. ولسوف تبقي ذكراهم الخالدة نبراسا لابناء أذربيجان كدليل علي التضحية من أجل الوطن.